7. وضع ما ليس بعله عله
تقدم في بحث البرهان أن البرهان يتقوم بأن يکون الاوسط علة للعلم بثبوت الاکبر للاصغر کما انه يعتبر فيه المناسبة بين النتيجة و المقدمات و ضرورية المقدمات.
فان اختل أحد هذه الامور و نحوها بان يظن ان الحد الاوسط علة لثبوت الاکبر للاصغر أو يظن المناسبة بين النتيجة و المقدمات أوانها ضرورية وليست هي في الواقع کما ظن و توهم فان کل ذلک يکون من باب وضع ما ليس بعلة علة . و يکون جعل القياس المؤلف علي حسبها برهانا مغالطة موجبة لتوهم انه برهان حقيقي.
مثاله:
ما ظنه بعض الفلاسفة المتقدمين من جواز انقلاب العناصر بعضها الي بعض باعتبار ان العناصر اربعة و هي الماء و الهواء و النار و التراب فقالوا بانقلاب الهواء ماء و الماء هواء. و استدلوا علي الاول بما يشاهد من تجمع ذرات الماء علي سطح الاناء الخارجي عند اشتداد برودته فظنوا ان الهواء انقلب ماء و علي الثاني بما يشاهد من تبخر الماء عند ورود الحرارة الشديدة عليه فظنوا ان الماء انقلب هواء.
و باستدلالهم هذا قد وضعوا ما ليس بعلة علة اذ حسبوا ان العلة في الانقلاب هو تجمع ذرات الماء علي الاناء و تبخر الماء بينما ان ما حسبوه علة ليس بعلة فان الماء انما يتجمع من ذرات البخار الموجودة في الهواء و البخار هو ذرات الماء فالماء لا الهواء تحول الي ماء أي ان الماء تجمع. و کذلک حينما يتبخر الماء بالحرارة يتحول الي ذرات صغيرة من الماء هي البخار فالماء قد تحول الي الماء لا الي الهواء أي ان الماء تفرق