يأتي بمثل ما يعمل و يقول له: ان عجزت عن مثل عملي فاعترف بفضلي عليک واخضع لقولي.
11-الفرق بين الخطابة والجدل
لما کانت صناعة الخطابة و صناعة الجدل يشترکان في کثير من الاشياء استدعي ذلک التنبيه علي جهات الافتراق بينهما لئلا يقع الخلط بينهما:
أما اشتراکهما ففي الموضوع فان موضوع کل منهما عام غير محدود بعلم
و مسألة کما قلنا في الجدل: انه ينفع في جميع المسائل الفلسفية و الدينية والاجتماعية و جميع الفنون و المعارف. و الخطابة کذلک و ما يستثني هناک يستثني هنا. و يشترکان أيضا في الغاية فان غاية منهما الغلبة و يشترکان في بعض مواد قضايا هما اذ تدخل المشهورات فيهما کما تقدم.
اما افتراقهما ففي هذه الامور الثلاثة نفسها:
1- في الموضوع فان الخطابة يستثني من عموم موضوعها المطالب العلمية التي يطلب فيها اليقين فان استعمال الاسلوب الخطابي فيها معيب مستهجن اذا کان المخاطب بها الخاصة و ان جاز استعمال الاسلوب الجدلي لالزام الخصم و افحامه أو لتعليم المبتدئين. کما انه علي العکس لا يحسن من الخطيب ان يستعمل البراهين العلمية و المسائل الدقيقة لغرض الاقناع.
2- في الغاية فان غاية الجدلي الغلبة بالزام الخصم و ان لم تحصل له حالة القناعة. و غاية الخطابة الغلبة بالإقناع.
3- في المواد فقد تقدم في الکلام عن العمود بيان الفرق فيها اذ قلنا: ان الخطابة تستعمل فيها مطلق المشهورات الظاهرية و في الجدل لا تستعمل الا
الحقيقية.
و هناک فروق أخري لا يهمنا التعرض لها. و سيأتي في باب اعداد المنافرات التشابه بين الجدل و المنافرة بالخصوص و الفرق بينهما کذلک.