البابُ الثاني في الفتوى والمفتي والمستفتي
[ وفيه ثلاثةُ أنواع] :
النوع الأوّل: في الفتوي
اعلم أنّ الإفتاءَ عظيمُ الخطرِ كثيرُ الأجر كبيرُ الفضل جليلُ الموقع; لأنّ المفتي وارثُ الأنبياء(صلوات الله عليهم) وقائمٌ بفرض الكفاية، لكِنَّهُ مُعَرَّضٌ للخطأ والخطر، ولهذا قالوا: «المفتي مُوَقِّعٌ عن الله تعالى»(23). فلْيَنْظُرْ كيف يقول.
وقد وَرَدَ فيه وفي آدابه والتوقُّفِ فيه والتحذيرِ منه مِن الآيات والأخبار والآثارِ أشياءُ كثيرةٌ نُورِدُ جُمْلَةً مِنْ عيونها: فَانْظُرْ كَيْفَ قَسَّمَ مُسْتَندَ الحكم إلى القسمين، فما لم يَتحَقَّقِ الإذنُ فأنتَ مُفتَر.
وانظر إلى قوله تعالى حكايةً عن رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أكرِم خلقِه عليه ـ : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأقاوِيلِ * لاَخَذْنا مِنْهُ بِالَْيمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا منه الْوتينَ)(27). فإذا كان هذا تهديده لأكرم خلقِه عليه، فكيف حالُ غيره إذا تَقَوَّلَ عليه عند حضوره بين