• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 
دروس متداول> پایه دوم> اخلاق نظری (2)> المراد من منیه المرید

القسم الثاني: آدابه مع شيخه و قدوته و ما يجب عليه من تعظيم حرمته

مقدّمة: حق العالم علي المتعلم

فنٍّ. وليَحْذَرِ التنقُّلَ مِنْ كتاب إلى كتاب، ومِنْ فنٍّ إلى غيره مِنْ غيرِ مُوجِب; فإنّ ذلك علامةُ الضَجَرِ وعدمِ الفَلاح، فإذا تَحَقَّقَتْ أهليَّتُه وتأكَّدَتْ معرفتُه، فالأولى له أنْ لا يَدَعَ فنّاً مِن العلوم المحمودة، ونوعاً مِنْ أنواعها إلاّ ويَنْظُر فيه نظراً يطَّلِعُ به على مقاصده وغايته، ثمّ إنْ ساعَدَه العمرُ وأنْهَضَهُ التوفيقُ، طَلَبَ التبحُّرَ فيه، وإلاّ اشْتَغَلَ بالأهمِّ فالأهمِّ.

واعلم أنّ العمر لا يتَّسِعُ لجميع العلوم، فالحَزْمُ أنْ يأخذ مِنْ كلِّ علم أحْسَنَه، ويَصْرِفَ جُمامَ قُوَّتِهِ في العلمِ الذي هو أشرفُ العلوم، وهو العلمُ النافع في الآخرة ممّا يوجِبُ كمالَ النفس وتزكيتَها بالأخلاقِ الفاضلةِ والأعمالِ الصالحةِ، ومَرْجِعُه إلى معرفةِ الكتاب والسُنّة وعلمِ مَكارمِ الأخلاق وما ناسَبَه.

القسم الثاني: آدابه مع شيخه وقُدْوَتِهِ وما يجب عليه من تعظيم حرمته [ مقدِّمةٌ] في حديث الحقوق الطويل المرويِّ عن سيّد العابدين(عليه السلام):

وحقُّ سائِسِكَ بالعلم التعظيمُ له والتوقيرُ لمجلسه وحسنُ الاستماع إليه والإقبال عليه، وأنْ لا ترْفَعَ عليه صوتَكَ، ولا تُجِيبَ أحداً يسأله عن شيء حتّى يكونَ هو الذي يُجِيبُ، ولا تُحَدِّثَ في مجلسه أحداً، ولا تَغْتابَ عنده أحداً، وأن تَدْفَعَ عنه إذا ذُكِرَ عندَكَ بِسوء، وأن تَسْتُرَ عيوبَه وتُظْهِرَ مناقِبَه، ولا تُجالِسَ له عَدُوّاً، ولا تُعاديَ له وَلِيّاً، فإذا فَعَلْتَ ذلك شَهِدَتْ لكَ ملائكةُ الله جَلَّ وعَزَّ بأنَّكَ قَصَدْتَه، وتَعَلَّمْتَ عِلْمَه لِلّه جَلَّ اسْمُه لا لِلْناسِ(1).

الأُولى: جعلُ نفسه تبعاً له، المقتضي لانحطاط المنزلة في جانب المتبوع.

الثانية: الاستئذان بـ «هل» أي هل تأذَنُ لي في اتّباعِكَ؟ وهو مبالغة عظيمة في التواضع.

الثالثة: تجهيل نفسه والاعتراف لمعلِّمه بالعلم بقوله: ( عَلى أنْ تُعَلِّمَنِ).

الرابع: الاعتراف له بعظيم النعمة بالتعليم; لأنّه طَلَبَ منه أنْ يُعامِلَه بمثل ما عامَلَه الله تعالى به.

الخامسة: أنّ المتابعة عبارة عن الإتيان بمثل فعل الغير; لكونه فعلَه لا لوجه آخَر.

السادسة: الإتيان بالمتابعة من غير تقييد بشيء بل اتّباعاً مطلقاً، وهو غاية التواضع.

السابعة: الابتداء بالاتِّباع، ثمّ بالتعليم، ثمّ بالخدمة، ثمّ بطلب العلم.

الثامنة: أنّه قال: ( هَلْ أتَّبِعُكَ عَلى أنْ تُعَلِّمَنِ) أي لم أطلب على تلك المتابعة إلاّ التعليم، كأنّه قال: لا أطْلُبُ منكَ على تلك المتابعة مالاً ولا جاهاً.

التاسعة: ( مِمّا عُلِّمْتَ)إشارة إلى بعض ما عُلِّمَ، أي لا أطلب منكَ المساواة بل بعض ما عُلِّمْتَ، فأنت أبداً مرتفع عليّ زائد القدر.

العاشرة: قوله: ( مِمّا عُلِّمْتَ) اعتراف بأنّ الله عَلَّمَه، وفيه تعظيم للمعلِّم والعلم وتفخيم لشأنهما.

الحاديةَ عَشْرةَ: قوله: ( رُشْداً) طَلَبُ الإرشاد، وهو ما لولا حصوله لَغَوى وضَلَّ، وفيه اعتراف بشدّة الحاجة إلى التعلُّم، وهَضْمٌ عظيمٌ لنفسه، واحتياجٌ بَيِّنٌ لعلمه.

1 . مكارم الأخلاق، ص 420 ; كتاب من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 377، ح 1626.

2 . الكهف (18): 66.

3 . الكهف (18): 69.