4. ترک التزويج حتي قضاء و طره من العلم
5. عدم العشرة مع من يشغله عن مطلوبه
عن مُفْتَرَقات الآمال.
قال بعضُ السلف: «لا يَطْلُبُ أحَدٌ هذا العلمَ بِعِزِّ النَفْسِ فَيُفْلِح، ولكن مَنْ طلبه بِذُلِّ النفسِ وضِيقِ العَيْشِ وخدمة العلماء أفْلَحَ»(1).
وقال آخر: «لا يَبْلُغُ أحدٌ مِن هذا العلمِ ما يُرِيدُ حتّى يَضُرَّ به الفقرُ، ويُؤْثِرهُ على كلِّ شيء»(2). ومن هنا قيل: «العلمُ لا يُعْطِيكَ بعضَهُ حتّى تُعْطِيَه كُلَّكَ»(3).
ولا يَغْتَرُّ الطالبُ بما وَرَدَ في النكاح مِن الترغيب; فإنّ ذلك حيثُ لا يُعارِضُه واجبٌ أولى منه; ولا شيءَ أولى ولا أفضلُ ولا واجبَ أضْيَقُ من العلم.
سيَّما في زماننا هذا، فإنّه وإنْ وجب على الأعيان والكفاية على تفصيل، فقد وجب في زماننا هذا على الأعيانِ مطلقاً; لأنّ فرض الكفاية إذا لم يَقُمْ به مَنْ فيه كفايةٌ، يَصيرُ كالواجب العَيْنيِّ في مخاطَبَةِ الكُلِّ به وتأثيمِهِم بِتَركه.
الخامس: أنْ يتْرُكَ العِشْرَة مع مَنْ يَشْغَلُه عن مطلوبه; فإنّ تركَها مِنْ أهمِّ ما ينبغي لطالب العلم، ولا سيّما لغير الجنس وخصوصاً لِـمَنْ قَلَّتْ فِكْرتُه، وكَثُرَ تَعَبُهُ وبِطالَته; فإنّ الطبعَ سَرّاقٌ. وأعظمُ آفاتِ العِشْرَةِ ضياعُ العمرِ بغير فائدة، وذَهابُ الْعِرْضِ والدين إذا كانتْ لغير أهل.
والذي يَنْبَغي لطالب العلم أنْ لا يُخالِطَ إلاّ لمنْ يُفِيدهُ أو يَستفيدُ منه، فإنْ احتاج إلى صاحب فَلْيَخْتَر الصاحِبَ الصالِحَ الدَيِّنَ التقيَّ الذَكيَّ، الذي إنْ نَسِيَ ذَكَّرَه، وإنْ ذكر أعانه، وإن احتاجَ واساه، وإنْ ضَجِرَ صَبَّرَه، فيستفيد من خُلُقِه ملكةً صالحةً، فإنْ لم يتَّفِقْ مثلُ هذا، فالوحدةُ ولا قرينَ السُوء.