7. إظهار الحقّ بحسب الطافة من غير مجاملة لأحد
على العلماءِ عهداً بِبَذْلِ الْعِلْمِ لِلْجُهّال(1).
وعن أبي عبد الله(عليه السلام) في هذه الآية: ( ولاتُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ) (2) قال: «لِيَكُن الناسُ عندَكَ في العلمِ سَواءً»(3). وعن أبي جعفر(عليه السلام): «زكَاةُ الْعِلْمِ أنْ تُعَلِّمَهُ عِبادَ اللهِ»(4).
وحينئذ فالواجب عليه مع خوف التباس الأمر أنْ يُبَيِّنَ الوجهَ الموجِبَ للمخالفة دفعاً للوسواس الشيطانيَ مِنْ قلب السامع، كما اتَّفَقَ للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) حين رآه بعضُ أصحابه ليلاً يمشي مع بعضِ نسائه إلى منزلها، فخاف أنْ يَتَوَهَّمَ أنّها ليستْ مِن نسائه فقال له: «إنّ هذه زوجتي فلانة»(5) ونَبَّهَهُ على العلَّةِ، لخوفه عليه مِنْ تلبيس إبليسَ عليه.
وإن كان الواجبُ على السامع مِنْ أوّل الأمر تركَ الاعتراض عند اشتباه الحال بل عند احتمالِ المسوِّغِ.
وبالجملة، فَمَثَلُ العالم والمتعلِّم في انتقاشه بأخلاقه وأفعاله، مَثَلُ الفَصِّ والشَّمْعِ; فإنّه لا يَنْتَقِشُ في الشَمْعِ إلاّ ما هو منقوشٌ في الفَصِّ. وقد شاهَدْنا هذا عِياناً في جَماعات مِنْ طَلَبَةِ العلمِ مع مشايِخِهم على اختلاف أفعالهم وأخلاقهم، ( ولا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير) (6).
الثامن: إظهارُ الْحَقِّ بحسب الطاقة مِنْ غَيرِ مجاملَة لأحد مِنْ خلقِ الله تعالى، فإذا رأى مِن أحد مَيْلاً عن الحقِّ أو تقصيراً في الطاعة وَعَظَه باللُّطْفِ ثُمَّ بالعُنْف، فإنْ لم يَقْبَلْ هَجَرَه، فإنْ لم يُنْجِع تَوَصَّلَ إلى نهيه وردِّه إلى الحقِّ بِمراتِبِ الأمرِ بالمعروف.
وهذا حكمٌ يختصّ بالعالم زيادةً في التكليف عن غيره، وإنْ شارَكَهُ غيره من المكلّفِينَ في السابع: أنْ يَحْتَرِزَ من مخالفة أفعاله لأقواله وإنْ كانت على الوجه الشرعي مثل أنْ يُحَرِّمَ شيئاً ويَفْعَلَه، أو يُوجِبَ شيئاً ويَتْرُكَه، أو يَنْدُبَ إلى فعلِ شيء ولا يَـفْـعَلَه، وإنْ كان فعلهُ ذلك مطابقاً للشرع بحسب حاله; فإنّ الأحكام الشرعيّةَ تختلف باختلاف الأشخاص.
.