• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 
دروس متداول> پایه دوم> اخلاق نظری (2)> المراد من منیه المرید

3. عدم الاستنکاف من التعلم مّمن هو دونه

ومعرفتهُ للمسألة; والباعثُ عليه الترفُّعُ بإظهار الفضل، والتهجُّمُ على الغير بإظهار نقصه، وهما شهوتانِ رَدِيّتانِ للنفس: أمّا إظهارُ الفضل فهو تزكيةٌ للنفس، وهو مِنْ مقتضى ما في العبد مِنْ طُغيانِ دَعْوىَ العُلوِّ والكبرياءِ، وقد نهى الله تعالى عنه في محكم كتابه، .

فقال سبحانه: ( فَلا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ)(1) وأمّا تنقيص الآخر فهو مقتضى طبعِ السَبُعِيَّة; فإنّه يقتضي أنْ يُمَزِّقَ غيرَه ويَصْدِمَه ويُؤْذِيه، وهي مُهْلِكَةٌ.

والمِراءُ والجِدالُ مُقَوّيانِ لهذه الصفات المهلِكَةِ، ولا تَنْفَكُّ المماراةُ عن الإيذاء وتهيجِ الغضبِ وحملِ المعترضِ على أنْ يَعودَ فينصرَ كلامَه بما يُمكنُه مِنْ حقٍّ أو باطل، ويَقْدَحَ في قائله بكلِّ ما يَتَصَوَّرُ، فيَثُورُ التشاجُرُ بينَ المتمارِيَيْنِ، كما يَثُورُ التهارُش بينَ الكَلْبَيْنِ، يقصِدُ كلٌّ منهما أنْ يَعَضَّ صاحبَه بما هو أعظمُ نِكايةً وأقوى في إفحامه وإنكائه.

وعِلاجُ ذلك أن يَكْسِرَ الكِبْرَ الباعثَ له على إظهارِ فضلهِ، والسَبُعِيَّةَ الباعثةَ له على تنقيصِ غيره، بالأدوية النافعة في عِلاج الكبر والغضب.

ولا ينبغي أنْ يَخْدَعَك الشيطانُ ويقولَ لكَ: أظْهِرِ الحقَّ ولا تُداهِنْ فيه.

فإنّه أبداً يَسْتَجِرُّ الحَمْقى إلى الشرّ في مَعْرِضِ الخير، فلا تكنْ ضُحْكَةَ الشيطان يَسخَرُ بكَ. فإظهارُ الحقِّ حَسنٌ مع مَنْ يَقْبَل منه إذا وقع على وجه الإخلاص، وذلك مِن طريق النصيحة بالتي هي أحسنُ لا بطريقِ المماراةِ.

وللنصيحة صِفةٌ وهَيأة، ويُحْتاجُ فيها إلى التلطُّف، وإلاّ صارتْ فضيحةً، فكان فَسادُها أعظمَ مِنْ صَلاحها.

ومَنْ خالَطَ مُتَفَقِّهَةَ هذا الزمان، والْمتَّسِمِينَ بالعلم غَلَبَ على طبعه المراءُ والجدالُ، وعَسُرَ عليه الصَمْتُ إذا ألْقى عليه قُرَناءُ السوء أنّ ذلك هو الفضلُ. فَفِرَّ منهم فِرارَكَ مِن الأسدِ.

الثالث: أنْ لا يَسْتَنْكِفَ مِن التعلُّم والاستفادة ممّنْ هو دونَه في مَنْصِب أو سِنٍّ أو شهرة أو دين أو في علم آخَرَ، بل يَستفيدُ مِمّنْ يُمْكِنُ الاستفادةُ منه، ولا يَمنَعُهُ ارتفاعُ مَنْصِبهِ وشهرتهِ مِن

1 . النجم (53): 32.