• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 
دروس متداول> پایه دوم> اخلاق نظری (2)> المراد من منیه المرید

5. عفَّةُ النفس و الانقباضُ عن الملوک و أهل الدنيا

الله، وَلَمْ يُؤمِّنْهُمْ مِنْ عَذابِ الله، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ في مَعاصي الله، ولَمْ يَتْرُكِ الْقُرآنَ رَغْبَةً عَنْهُ في غيره، ألا لا خَيْرَ في عِلْم لَيْسَ فِيهِ تَفَهُّمٌ، ألا لا خَيْرَ في قِراءَة لَيْسَ فِيها تَدَبُّرٌ، ألا لا خَيْرَ في عبادَة لَيْسَ فِيها تَفَكُّرٌ(1).

واعلم أنَّ المتَلَبِّسَ بالعلمِ مَنظورٌ إليه، ومُتَأَسّىً بفعلِه وقوله وهَيْأته، فإذا حَسُنَ سَمْتُه، وصَلُحَتْ أحوالُه، وتواضَعَتْ نفسُه، وأخْلَصَ للّهِ تعالى عَمَلَه، انتقلتْ أوصافُه إلى غيره من الرعيَّة، وفَشَا الخيرُ فيهم، وانتظمتْ أحوالُهم، ومتى لم يَكنْ كذلك كان الناسُ دُونَه في المرتبة التي هو عليها فضلاً عن مساواته، فكان مع فَسادِ نفسِه مَنْشَأ لفَساد النوع وخَلَلِهِ، وناهيكَ بذلك ذَنْباً وطرداً عن الحقِّ وبُعْداً.

وياليته إذا هلك انْقَطَعَ عملُه، وبَطَلَ وِزْرُهُ، بل هو باق ما بقي من تَأَسّى به واسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ.

وقد قال بعض العارفين:

إنّ عامَّةَ الناسِ أبداً دون المتَلَبِّسِ بالعلم بمرتبة، فإذا كان وَرِعاً تَقِيّاً صالحاً تَلَبَّسَتِ العامَّةُ بِالمباحات، وإذا اشتغل بالمباح تَلبَّسَتِ العامَّةُ بالشُّبَهاتِ، فإنْ دخل في الشبهات تَعَلَّقَ العامِّيُّ بالحرام، فإنْ تَناوَلَ الحرامَ كَفَرَ العامِّيُّ(2).

وكفى شاهداً على صدق هذه العيانُ وعُدول الوِجْدانِ، فضلاً عن نقل الأعيان.

الخامس: أنْ يكونَ عفيفَ النفس عاليَ الْهِمَّةِ مُنْقَبِضاً عن الملوك وأهل الدنيا، لا يدخل إليهم طَمَعاً ماوَجَدَ إلى الفِرار منهم سبيلاً; صيانةً للعلم عمّا صانَه السلفُ. فمَنْ فعل ذلك، فقد عَرَضَ نَفْسَه وخانَ أمانتَه، وكثيراً ما يُثْمِرُ عدم الوصول إلى البُغْيَةِ، وإنْ وصل إلى بعضها لم يكنْ حالُه كحال المتَعَفِّفِ المنْقَبِضِ، وشاهِده مع النقل الوجدانُ. قال بعض الفضلاء لبعض الأبدال:

ما بالُ كُبَراءِ زمانِنا وملوكها لا يَقْبَلُونَ منّا، ولا يَجِدُونَ للعلم مِقداراً، وقد كانوا في سالف الزمان بخلاف ذلك؟ فقال: «إنّ علماءَ ذلك الزمان كان يأتيهم الملوكُ

1 . الكافي، ج 1، ص 36، باب صفة العلماء، ح 3، وفيه: «رغبةً عنه إلى غيره» بدل «رغبة عنه في غيره».

2 . مفاتيح الغيب، ج 2، ص 185.