• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 
دروس متداول> پایه دوم> اخلاق نظری (2)> المراد من منیه المرید

3. التوکُّلُ علي الله تعالي و اعتمادُ عليه

تَعَلَّمَ كيفيَّةَ تزكِيَتِها وكَتَبَ عِلْمَها وعَلَّمَها الناسَ.

والذي أخْبَرَ بفضيلة العلم هو الذي أخبر بِذَمِّ العلماء المقصِّرِينَ في العمل بعلمهم وأنّ حالهم عند الله أشَدُّ من حال الجُهّال، ( أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض)(1).

وأمّا علم المعرفة بالله تعالى وما يَتَوَقَّفُ عليه من العلوم العقليّة، فَمَثَلُ العالِم به المهْمِلِ للعملِ المضيِّعِ لأمر الله تعالى وحدودِه في شدَّةِ غروره، مَثَلُ مَن أراد خدمةً مَلِك فَعَرَف الملِكَ، وعَرَفَ أخلاقَه وأوصافَه ولونَه وشكلَه وطولَه وعرضَه وعادتَه ومجلسَه، ولم يَتَعَرَّفْ ما يُحِبُّه ويَكْرَهُه ويَغْضَبُ عليه وما يَرضى به; أو عرف ذلك إلاّ أنّه قَصَدَ خدمتَه وهو مُلابِسٌ لجميع ما يَغْضَبُ به، وعاطلٌ عن جميع ما يُحِبُّه مِن زِيٍّ وهَيْأة وحركة وسكون، فَوَرَدَ على الملِكِ ـ وهو يُريدُ التَقَرُّبَ منه والاختصاصَ به ـ مُتَلَطِّخاً بجميع ما يَكْرَهُه المَلِكُ، عاطِلاً عن جميع ما يُحِبُّه، متوسِّلاً إليه بمعرفته له ولنسبهِ واسمِه وبلدِه وشكلهِ وصورته وعادته في سياسة غِلْمانهِ ومعاملةِ رَعِيَّتِه.

بل هذا مِثالُ العالمِ بالقسمينِ معاً، التاركِ لما يَعْرِفُه، وهو عين الغرور، فلو تَرَكَ هذا العالمُ جميعَ ما عَرَفَه واشتغَلَ بأدنى معرفته وبمعرفة ما يُحِبُّه ويَكْرَهُه، لكان ذلك أقربَ إلى نيله المرادَ مِن قُربته والاختصاصِ به.

بل تقصيرُه في العمل واتِّباعُه للشهوات يَدُلُّ على أنّه لم يَنكشفْ له مِن المعرفة إلاّ الأساميُ دونَ المعاني; إذ لو عرف الله حقَّ معرفتِه لَخَشِيَه واتَّقاه، كما نَبَّهَ اللهُ عليه بقوله: ( إنّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(2).

وفي فاتحة الزبور: «رأس الحكمة خشية الله تعالى»(3).

نسألُ اللهَ تعالى أنْ يُصْلِحَنا لاِنفُسِنا، ويُبَصِّرَنا بعُيوبنا، ويَنْفَعَنا بما عَلِمْنا ولا يَجْعَلَه حُجَّةً علينا; فإنّ ذلك بيده، وهو أرحم الراحمين.

[ الثالث: التوكّل على الله سبحانه و ]توجيهُ نفسِهِ إلى الله تعالى والاعتمادُ عليه في أُموره

1 . البقرة (2): 85.

2 . فاطر (35): 28.

3 . إحياء علوم الدين، ج 3، ص 335 ; تنبيه الخواطر، ج 1، ص 221، وفي الفقيه، ج 4، ص 272، ح 828 ، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) : «رأس الحكمة مخافة الله عزّ وجلّ».