ّ فإن جاز أن يوجد معه وجب أن يوجد عن الواجب لذاته في مرتبة واحدة لذات واحدة من جهة واحدة شيئان و هو محال و إن جاز أن يوجد بعد الأخسّ و بواسطةٍ لزم کون المعلول أشرف من علّته و أقدم و هو محال و إن لم يجز أن يوجد لا قبل الأخسّ و لا معه و لا بعده مع أنّه ممکن بالإمکان الوقوعيّ الذي هو کون الشيء بحيث لايلزم من فرض وقوعه محال فلو فرض وجوده و ليس بصادر عن الواجب لذاته ولا عن شيءٍ من معلولاته وهو علي إمکانه فبالضرورة وجوده يستدعي جهة مقتضية له أشرف ممّا عليه الواجب لذاته فيلزم أن يکون الممکن المفروض يستدعي بإمکانه علّة موجدةً أعلي و أشرف من الواجب لذاته و هو محال لأنّ الواجب لذاته فوق ما لا يتناهي بما لا يتناهي شدّة فالمطلوب ثابت.
و يمکن الاستدلال بما هو أوضح من ذلک فإنّ الشرافة و الخسّة المذکورتين و صفان للوجود مرجعهما إلي الشدّة و الضعف بحسب مرتبة الوجود فترجعان إلي العلّيّة و المعلوليّة مآلهما إلي کون الشيء مستقلّاً موجوداً في نفسه و کونه رابطاً قائماً بغيره موجداً في غيره فکلّ مرتبة من مراتب الوجود متقوّمة بما فوقها قائمة به وأخسّ منه و مقوّمة لما دونها مستقلّة بالنسبة إليه و أشرف منه.
فلو فرض ممکنان أشرف و أخسّ وجوداً کان من الواجب أن يوجد الأشرف قبل الأخسّ قبليّة وجوديّة و إلاّ کان الأخسّ مستقلّاً غير رابط و لا متقوّم بالأشرف و قد فرض رابطاً متقوّماً به و هذا خلف.
و المستفاد من الحجّتين: أوّلاً: أنّ کلّ کمال وجوديّ هو أخسّ من کمال آخر وجوديّ فالأشرف منهما موجود قبل الأخسّ و الأشدّ منهما قبل الأضعف کالمرتبتين من الوجود المختلفتين شدّة وضعفاً و إن اختلفتا ماهيّة نظير العقلين الأوّل و الثاني.
