وليس من التقسيم في شيء و إنّما هو إعراض عن الصورة العلميّة الأوليّة و إيجاد لصورتين أخريين.
و إذ لا انطباع للصورة العلميّة في جزء عصبيّ ولا انقسام لها بعرض انقسامه فارتباط الصورة العلميّة بالجزء العصبيّ و ما يعمله من عمل عند الإدراک إرتباط إعدادي بمعني أن ما يأتيه الجزء العصبيّ من عمل تستعدّ به النفس لأن يحضر عندها و يظهر في عالمها.
فالصورة العلميّة الخاصّة بما للمعلوم من الخصوصيّات و کذلک المقارنة التي تترائي بين إدراکاتنا و بين الزمان إنّما هي بين العمل المادّيّ الاعداديّ التي تعمله النفس في آلة الادراک و بين الزمان لا بين الصورة العلميّة بما أنّه علم و بين الزمان.
و من الدليل علي ذلک أنّا کثيراً مّا ندرک شيئاً من المعلومات و نخزنه عندنا ثمّ نذکره بعينه بعد انقضاء سنين متمادية من غير أيّ تغيير و لو کان مقيّداً بالزمان لتغيّر بتغيّره.
فقد تحصّل بما تقدّم أنّ الصورة العلميّة کيفما کانت مجردّة من المادّة خالية عن القوّة. و إذ کانت کذلک فهي أقوي وجوداً من المعلوم المادّيّ الذي يقع عليه الحسّ . و ينتهي إليه التخيّل و التعقل و لها آثار وجودها المجرّد. و أمّا آثار وجودها الخارجيّ المادّيّ التي نحسبها متعلقة للادراک فليست آثاراً للمعلوم بالحقيقة الذي يحضر عند المدرک حتي تترتب عليه أو لا تترتب و إنما هو الوهم يوهم للمدرک أنّ الحاضر عنده حال الادراک هو الصورة المتعلقة بالمادّة خارجاً فيطلب آثارها الخارجيّة فلا يجدها معها فيحکم بأنّ المعلوم هو الماهيّة بدون ترتّب الآثار الخارجيّة.
فالمعلوم عند العلم الحصوليّ بأمر له نوع تعلّق بالمادّة هو موجود مجرّد هو مبدء فاعليّ لذلک الامر واجد لما هو کماله يحضر بوجودها الخارجيّ للمدرک و هو علم حضوريّ و يتعقبه انتقال المدرک إلي ما لذلک الأمر من الماهيّة و الآثار المترتبة عليه في الخارج. و بتعبير آخر: العلم الحصوليّ اعتبار عقليّ يضطرّ إليه
