فان قلت: عدم انقسام الصورة العلميّة بما أنّها علم لاينافي انطباعها في جسم کجزء من الدماغ مثلاً و انقسامها بعرض المحلّ کما أنّ الکيفيّة کاللون العارض لسطح جسم تأبي الانقسام بما أنّها کيفية و تنقسم بعرض المحلّ فلم لايجوز أن تکون الصورة العلميّة مادّيّة منطبعة في محلّ منقسمة بعرض محلّها و خاصّة بناء علي ماهو المعروف من کون العلم کيفيّة نفسانيّة.
و أيضاً انطباق العلم علي الزمان و خاصّة في العلوم الحسيّة و الخياليّة ممّا لاينبغي أن يرتاب فيه کاحساس الأعمال الماديّة في زمان وجودها. و أيضاً اختصاص أجزاء من الدماغ بخاصّة العلم بحيث يستقيم باستقامتها و يختل باختلالها علي ماهو المسلّم في الطبّ لاشک فيه فللصورة العلميّة مکان کما أنّ لها زماناً.
قلنا: إباء الصورة العلميّة و امتناعها عن الانقسام بما أنّها عليم لاشک فيه کما ذکر و أمّا انقسامها بعرض انقسام المحلّ کالجزء العصبيّ مثلاً ممّا لاشک في بطلانه أيضاً فانّا نحسّ و نتخيل صوراً هي أعظم کثيراً ممّا فرض محلاّ لها من الجزء العصبيّ کالسماء بأرجائها و الأرض بأقطارها و الجبال الشاهقة و البراري الواسعة و البحور الزاخرة و من الممتنع انطباع الکبير في الصغير.
و ما قيل: إنّ ادراک الکبر و الصغر في الصورة العلميّة إنّما هو بقياس أجزاء الصورة العلميّة بعضها إلي بعض لايفيد شيئاً فانّ المشهود هو الکبير بکبره دون النسبة الکّليّة المقداريّة التي بين الکبيرة و الصغيرة و أنّ النسبة بينهما مثلا نسبة المئة إلي الواحد.
فالصورة العلميّة المحسوسة او المتخيلة بما لها من المقدار قائمة بنفسها في عالم النفس من غير انطباع في جزء عصبيّ او أمر مادّيّ غيرها ولا انقسام لها بعرض انقسامه. و الاشارة إلي بعض أجزاء زيد المحسوس او المتخيل ثم إلي بعضها الآخر.
