أنّ التشخص بالوجود. فعلمنا بذاتنا إنّما هو بحضورها لنا بوجودها الخارجيّ الذي هو عين وجودنا الشخصيّ المترتب عليه الآثار.
و أيضاً لو کان الحاضر لذواتنا عند علمنا بها هو ماهيّة ذواتنا دون وجودها و الحال أنّ لوجودنا ماهيّة قائمة به کان لوجود واحد ماهيّتان موجودتان به و هواجتماع المثلين و هو محال. فاذن علمنا بذواتنا بحضروها لنا و عدم غيبتها عنّا بوجودها الخارجيّ لا بماهيّتها فقط و هذا قسم آخر من العلم و يسمّي العلم الحضوريّ.
و انقسام العلم إلي القسمين قسمة حاصرة فحضور المعلوم للعالم. إمّا بماهيّته و هو العلم الحصوليّ او بوجوده و هو العلم الحضوريّ.
هذا مايؤدّي إليه النظر البديّ من انقسام العلم إلي الحصوليّ و الحضوريّ و الذي يهدي إليه النظر العميق أنّ الحصوليّ منه أيضاً ينتهي إلي علم حضوريّ.
بيان ذلک أنّ الصورة العلميّة کيفما فرضت مجرّدة من المادّة عارية من القوّة. و ذلک لوضوح أنّها بما أنّها معلومة فعليّة لاقوّة فيها لشيء البتة. فلو فرض أيّ تغير فيها کانت الصورة الجديدة مباينة للصورة المعلومة سابقاً و لو کانت الصورة العلميّة مادّيّة لم تأب التغيّر.
و أيضاً لو کانت مادّيّة لم تفقد خواصّ المادّة اللازمة و هي الانقسام و الزمان و المکان. فالعلم بما أنّه علم لا يقبل النصف و الثلث مثلاً و لو کان منطبعاً في مادّة جسمانيّة لانقسم بانقسامها. ولا يتقيد بزمان ولو کان مادّياً و کلّ مادّيّ متحرک لتغيّر بتغيّر الزمان. ولا يشار إليه في مکان و لو کان مادّيّاً حلّ في مکان.