فان کانت الحرکة جوهريّة و الحرکة في ذات الشيء و هو المتحرک بالحقيقة کما تقدّم کان فرض کون المتحرّک هو المحرّک فرض کون الشي فاعلاً موجداً لنفسه و استحالته ضروريّة. فالفاعل الموجد للحرکة هو الفاعل الموجد للمتحرک و هو جوهر للمادّة يوجد الصورة الجوهريّة و يقيم بما المادّة و الصورة شريکة الفاعل علي ما تقدّم.
و إن کانت الحرکة عرضيّة و کان العرض لازماً للوجود فالفاعل الموجد للحرکة فاعل الموضوع المتحرک بعين جعل الموضوع من غير تخلل جعل آخر بين الموضوع و بين الحرکة. إذا لو تخلل الجعل و کان المتحرک و هو ماديّ فاعلاً في نفسه للحرکة کان فاعلاً من غير توسط المادّة. و قد تقدّم في مباحث العلّة و المعلول أنّ العلل المادّيّة لا تفعل إلاّ بتوسّط المادّة و تخلل الوضع بينها و بين معلولاتها فهي إنّها تفعل في الخارج من نفسها. ففاعل لازم الوجود فاعل ملزومه و هو جوهر مفارق للمادّة جعل الصورة و لازم وجودها جعلاً واحداً و أقام بها المادّة.
و إن کانت الحرکة عرضيّة و العرض مفارقاً کان الفاعل القريب للحرکة هو الطبيعة بناءً علي انتساب الأفعال الحادثة عند کل نوع جوهريّ إلي طبيعة ذالک النوع.
و تفصيل القول أنّ الموضوع إمّا أن يفعل أفعاله علي و تيرة واحدة أولا علي و تيرة واحدة. والأوّل هو الطبيعة المعرّفة بأنّها مبدء حرکة ما هي فيه و سکونه. و الثاني هو النفس المسخّرة لعدّة طبائع و قوي تستعملها في تحصيل ما تريده من الفعل. و کلّ منهما إمّا أن يکون فعلها ملائماً لنفسها بحيث لو خلّيت و نفسها لفعلته و هو الحرکة الطبيعية أو لا يکون کذلک کما يقتضيه قيام مانع مزاحم و هو الحرکة القسريّة.