الإجمال لا يفيض إلاّ وجوداً واحداً بسيطاً له کلّ کمال وجوديّ لمکان المسانخة بين العلّة و المعلول له الفعليّة التامّة من کلّ جهة و التنزّه عن القوّة و الإستعداد.
غير أنّه وجود ظلّيّ للوجود الواجبيّ فقير إليه متقوّم به غير مستقلّ دونه فيلزمه النقص الذاتيّ و المحدوديّة الإمکانيّة التي تتعيّن بها مرتبته في الوجود و يلزمه الماهيّة الإمکانيّة و الموجود الذي هذه صفته عقل مجرّد ذاتاً و فعلاً متأخّر الوجود عن الواجب (تعالي) من غير واسطة متقدّم في مرتبة الوجود علي سائر المراتب الوجوديّة.
ثمّ إنّ الماهيّة لا تتکثّر أفرادها إلاّ بمقارنة المادّة. و الوجه فيه أنّ الکثرة إمّا أن تکون عين الماهيّة أو جزئها أو خارجة منها لازمة لها أو خارجة منها مفارقة لها و علي التقادير الثلاثة الاول لا يوجد للماهيّة فرد إذ کلّما وجد فرد لها کان من الواجب أن يکون کثيراً و کلّ کثير مؤلّف من آحاد و الواحد منها وجب أن يکون کثيراً لکونه مصداقاً للماهيّة و هذا الکثير أيضاً مؤلّف من آحاد و هلمّ جراً فيتسلسل ولا ينتهي إلي واحد فلا يتحقّق کثير فلا يوجد للماهيّة فرد. فمن الواجب أن تکون الکثرة الأفراديّة أمراً خارجاً من الماهية مفارقاً لها و لحوق المفارق يحتاج إلي مادّة فکلّ ماهيّة کثير الأفراد فهي مادّيّة و ينعکس عکس النقيض إلي أنّ کلّ ماهيّة غير مادّيّة و هي المجرّدة وجوداً لا تتکثّر تکثّراً أفراديّاً أي إنّ کلّ مجرّد فنوعه منحصر في فردٍٍ و هو المطلوب نعم يمکن الکثرة الأفراديّة في العقل المجرّد فيما لو استکملت أفراد من نوع مادّيّ کالإنسان بالسلوک الذاتيّ و الحرکة الجوهريّة من نشأة المادّة و الإمکان إلي نشأة التجرّد و الفعليّة الصرفة فيستصحب التميّز الفرديّ الذي کان لها عند کونها في أوّل وجودها في نشأة المادّة و القوّة.
فتبيّن أنّ الصادر الأوّل الذي يصدر من الواجب (تعالي) عقلٌ واحدٌ هو أشرف موجود ممکن و أنّه نوع منحصر في فرد و إذ کان أشرف و أقدم في