جمّاً غفيراً لا يحيط به الإحصاء و ما هي إلاّ حدود ألحقها بها العلل الناقصة التي تحدّ الرؤية المذکورة بماتضع فيها من أثر و منها ما يمنعه الموانع من التأثير.
و هذه الحدود جهات وجوديّة تلازمها سلوب کما تبيّن أنفاً ولها صور علميّة في نشأة المثال التي فوق نشأة المادّة تتقدّر بها صفات الأشياء و آثارها فلا سبيل لشيءٍ منها إلاّ إلي صفة أو أثر هداه إليه التقدير.
فإن قلت: لازم هذاالبيان کون الإنسان مجبراً غير مختار في أفعاله.
قلت: کلاّ فإنّ الإختيار أحد الشرائط التي يحدّبها فعل الإنسان. و قد فصّلنا القول في دفع هذه الشبهة في مباحث الوجود و في مباحث العلّة و المعلول.
فإن قلت: هلاّ عمّمتم القول في القدر و هو ضرب الحدود للشيء من حيث صفاته و آثاره في علم سابق يتبعه العين حتيّ يعمّم الماهيّات الإمکانيّة فإنّ الماهيّات أيضاً حدود لموضوعاتها تتميّز من غيرها و تلازمها سلوب لا تتعدّاها. و قد تقدّم أنّ کلّ ذي ماهيّة فهو ممکن سواء کان عقلاً مجرّد أو مثالاً معلّقاً أو طبيعة مادّيّة و يکون العلم السابق الذي يتقدّر به الشيء علماً ذاتيّاً.
و بالجملة يکون القدر بحسب العين هو التعيّن المنتزع من الوجود العينيّ و التقدير هو التعيين العلميّ الذي يتبعه العين کما أنّ المقضيّ هوالوجوب المنتزع من الوجود العينيّ و القضاء هو الإيجاب العلميّ الذي يستتبعه سواء کان من حيث الماهيّة و الذات أومن حيث الصفات و الآثار.
قلت: کون الماهيّة حدّاً ذاتيّاً للممکن لا ريب فيه لکنّهم راعوا في بحث القدر ظاهر مفهومه و هو الحدّ الذي يلحق الشيء فيما هو موضوع له من الصفات و الآثار دون أصل الذات فلا يعمّ ما وراء الطبائع التي لها تعلّق مّا بالمادّة.
و غرضهم من عقد هذا البحث بيان أنّ الممکن ليس مرخي العنان فيما يلحق