فالحقّ أنّ تعريفَهمابما عُرِّفا به تعريفُ لفظيُّ يراد به التنبيه على معناهما وتمييزه من بين المعاني المخزونة عند النفس. فالواحد هو: «الذي لا ينقسم من حيث إنّه لا ينقسم»، والتقييد بالحيثيّة ليندرج فيه الواحد غير الحقيقيّ الذي ينقسم من بعض الوجوه، والكثير هو: «الذي ينقسم من حيث إنّه ينقسم». فقد تحصّل أنّ الموجود ينقسم إلى الواحد والكثير، وهما معنيان متباينان تبايُنَ أحد القسمين للآخر.
تنبيهٌ: قالوا: «إنّ الوحدة تساوِق الوجود»، فكلُّ موجودٍ فهو واحدٌ من جهة أنّه موجودٌ، حتّى أنّ الكثرة الموجودة - من حيث هي موجودة - كثرةٌ واحدةٌ، كما يشهد بذلك عَرْض العدد لها والعدد مؤلَّف من آحاد، يقال: كثرة واحدة وكثرتان وكثرات ثلاث، وعشرة واحدة وعشرتان وعشرات ثلاث، وهكذا. وربّما يتوهّم أنّ انقسام الموجود إلى الواحد والكثير ينافي كون الواحد مساوقاً للموجود، وذلك أنّ الكثير - من حيث هو كثيرٌ - موجودٌ لمكان الانقسام المذكور، والكثير - من حيث هو كثير - ليس بواحدٍ، ينتج أنّ بعض الموجود ليس بواحد، وهو يناقض قولهم: «كلُّ موجودٍ فهو واحدٌ».