وقال سبحانه حاكياً عن المجرمين: «لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنّا فِي أَصحابِ السَّعير*فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لاََصحابِ السَّعير » . (1) فقولهم:«لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَو نَعْقِلُ» يدلّ على أنّهم كانوا قادرين على ذلك، لاَنّه لو لم يكونوا قادرين كان المناسب في مقام الاعتذار أن يقولوا: «لو كنّا قادرين على السمع والتعقّل» كما لا يخفى. ولقد أجاد الزمخشري في تفسير الآية بقوله: «أراد أنّهم لفرط تصامّهم عن استماع الحقّوكراهتهم له، كأنّهم لا يستطيعون السمع، و... الناس يقولون في كلّلسان: هذا كلام لا استطيع أن أسمعه». (2) الآية الثانية: قوله تعالى: «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَونَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطيعُونَ». (3) وجه الاستدلال: انّه تعالى يدعوا الضالّين والطاغين إلى السجود يوم القيامة مع أنّـهم لا يستطيعون الاِجابة، والاِتيان بالسجود، فإذا جاز التكليف بما لايطاق عليه في الآخرة، جاز ذلك في الدنيا. يلاحظ عليه: أنّ يوم القيامة دار الحساب والجزاء، وليس دار التكليف والعمل، فدعوته تعالى في ذلك اليوم ليس بداعي التكليف وغاية العمل، بل المقصود توبيخ الطاغين وإيجاد الحسرة فيهم لتركهم السجود