صادقة اذ ليس الغرض منها الاعتقاد و التصديق بها.
والجمهور والنفوس غير المهذبة تتأثر بالمخيلات اکثر من تأثرها بالحقائق العلمية لان الجمهور أو الفرد غير المهذب عاطفي أکثر من أن يکون متبصرا و هو اطوع للتخييل من الاقناع. الاتري ان الکلام المخيل الشعري قد يجب أمرا مبغوضا للنفس وقد يبغض شيئا محبوبا لها. و اعتبر ذلک في اشمئزاز بعض الناس من أکلة لذيذة قد أقبل علي أکلها فقيل له: انه وقع فيها بعض ما تعافه النفس کالخنفساء مثلا أو شبهت له ببعض المهوّعات. فان الخيال حينئذ قد يتمکن منه فيعافها حتي له علم بکذب ما قيل. ولا تنس القصة المشهورة لملک الحيرة النعمان بن المنذر مع نديمه الربيع وقد کان يأکل معه فجاءه لبيد الشاعر و هو غلام مع قومه للانتقام من الربيع في قصة مشهورة في مجامع الامثال فقال لبيد مخاطبا للنعمان:
فرفع النعمان يده من الطعام و تنکر لنديمه هذا و أبي ان يستکشف صدق هذا القول فيه بالرغم علي الحاحه و قال له ما ذهب مثلا من أبيات:
واعتبر ذلک أيضا في تصوير الانسان بهذه الصورة اللفظية البشعة (أوله نطفة مذرة و آخره جيفة قذرة. و هو ما بين ذلک يحمل العذرة). فان هذه صورة حقيقية للانسان ولکنها ليست کل ما له من صور و للنفس علي کل حال محاسنها التي ينبغي ان يعجب بها لا سيما من صاحبها و اعجاب المرء بنفسه