المقصد الثانيفي الظن
المقام الاول إمكان التعبد بالظن عقلا
أما الاول ، فاعلم أن المعروف هو إمكانه . و يظهر من الدليل المحكي عن إبن قبة ، في استحالة العمل بالخبر الواحد ، عموم المنع لمطلق الظن ، فإنه استدل على مذهبه بوجهين : ( الاول : أنه لو جاز التعبد بخبر الواحد في الاخبار عن النبي ، صلى الله عليه و آله ، لجاز التعبد به في الاخبار عن الله تعالى ، و التالي باطل إجماعا .
الثاني : أن العمل به موجب لتحليل الحرام و تحريم الحلال ، إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحليته حراما و بالعكس . و هذا الوجه - كما ترى - جار في مطلق الظن ، بل في مطلق الامارة الغير العلمية و إن لم يفد الظن .
و إستدل المشهور على الامكان : بأنا نقطع بأنه لا يلزم من التعبد به محال . و في هذا التقرير نظر ، إذ القطع بعدم لزوم المحال موقوف على إحاطة العقل جميع الجهات المحسنة و المقبحة و علمه بانتفائها ، و هو حاصل فيما نحن فيه . فالأَولى أن يقرر هكذا : إنا لا نجد في عقولنا بعد التأمل ما يوجب الاستحالة ، و هذا طريق يسلكه العقلاء في الحكم بالامكان .
و الجواب عن دليله الاول : أن الاجماع إنما قام على عدم الوقوع ، لا على الامتناع ، مع أن عدم الجواز قياسا على الاخبار عن الله تعالى ، بعد تسليم صحة الملازمة ، إنما هو فيما إذا بني تأسيس الشريعة أصولا و فروعا على