4 ـ دليل
حبّ البقاء و الخلود:
ولا خفاء في
كون الإنسان بالفطرة محباً للبقاء والخلود، ولعلّه لذا تنافر الناس عن الموت
لزعمهم أنّه فناء و مناف لمحبوبهم الفطري من البقاء، و يشهد أيضاً علي فطرية هذا
الحبّ، أنّ الحبّ المذكور لايزول عن النفس بالعلم بفناء الدنيا، هذه صغري القياس،
و ينضمّ إلي هذه الكبري، و هي أنّ كلّ ما كان فطرياً فهو مطابق لواقع الأمر، لأنّ
الفطرة أثر الحكيم المتعال، ولا يكون فعله تعالي لغواً و عبثاً، فكما أنّ غريزة
الأكل و الشرب و النكاح حاكية عن وجود ما يصلح للأكل والشرب والنكاح، كذلك تشهد
هذه المحبّة الفطريّة علي وجود عالم آخر يصلح للبقاء و الخلود.
ولعلّ إليه
يرجع ما ذكره شيخ مشايخنا آية الله الشيخ محمَّد علي الشاه آبادي ـ قدّس سرّه ـ
في «الإنسان و الفطرة» حيث قال: «و يدلّ عليه عشق اللقاء والبقاء مع القطع بعدم
البقاء مثل هذا البقاء الملكي، والحياة الدنيويّة مع عدم فتور العشق الكذائي،
فإنّه بحكم الفطرة المعصومة، ينكشف أنّ هناك عالماً غير داثر، و تلاقي معشوقك في
مقعد صدق عند مليك مقتدر» (1) كما حكي الاستدلال به عن الحكيم المتألّه آية الله السيد
أبوالحسن الرفيعي (2) و غيره من
الأعلام و الفحول، و كيف كان فمحبّة البقاء آية وجود الآخرة و دليلها، و إلاّ لزم
الخلف في حكمة تعالي، هذا مضافاً إلي أنّ رحمته تعالي تقتضي إيصال كلّ شيء إلي ما
يستحقّه، و رفع حاجة كلّ محتاج، و عليه فهو تعالي يوصل كلّ محبٍّ للخلود و البقاء
إلي محبوبه برحمته كما أفاد عزّوجلّ بقوله: «قل لمن ما في