هذا الرادع
عن أمامهم و لعلّ إليه يشير قوله تعالي: «لا اُقسم بيوم القيامة ولا اُقسم بالنفس
اللوامة أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلي قادرين علي أن نسوّي بنانه بل يريد
الإنسان ليفجر أمامه» (1)، فإرادتهم للشهوات و الهواء من
دون مانع تدعوهم إلي الإنكار، كما يشهد قوله تعالي: «ويل للمكذبين الذين يكذّبون
بيوم الدين وما يكذّب به إلاّ كلّ معتد أثيم» (2).
علي أنّ التجاوز والذنوب ألجأتهم إلي الإنكار. فينقدح ممّا ذكر أنّ المعاد
الجسماني أمر ممكن ذاتاً و وقوعاً، ولا دليل علي خلافه.
السابع:
في حتمية المعاد، ولا ريب
أنّ القرآن الكريم أخبر عن وقوع القيامة والمعاد أخباراً جزميّاً قطعيّاً مع
التأكيدات المختلفة. و تعرّض لخصوصياته في ضمن آيات كثيرة التي تقرب من ألفين علي
ما ذكره بعض المحققين وإليك بعض الآيات: «وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها و أنّ الله
يبعث من في القبور» (3).
و في هذه
الآية أخبر عن وقوع القيامة والمعاد الجسماني بالجزم و القطع، و نفي عنه مطلق
الريب والشكّ مع التأكيدات و أكّد وقوعها في ضمن آيات اُخر بالقسم كقوله عزّ شأنه:
«زعم الذين
كفروا أن لن يبعثوا قل بلي و ربي لتبعثنّ ثم لننبؤنّ بما عملتم و ذلك علي الله يسير»
(4) وفي هذه الآية ذكر أصناف التأكيدات من القسم ولام القسم
و نون التأكيد، و قرن هذه التأكيدات بمثل قوله: «وذلك علي الله يسير» في ذيل
الآية، لبيان حتميّة البعث، والنشر من القبور الذي أنكره الكفار، و عبّر عن
القيامة و البعث المذكور بالماضي، لحتمية وقوعه كقوله عزّ شأنه: «إذا وقعت
الواقعية» (5)، و قوله تعالي: «إذا زلزلت الأرض زلزالها»
(6).