السابع و
الثلاثين: «اللهم إنّ أحداً لا يبلغ من شكرك غاية إلاّ حصل عليه من إحسانك ما
يلزمه شكراً، ولا يبلغ مبلغاً من طاعتك و إن اجتهد إلاّ كان مقصّراً دون استحقاقك
بفضلك، فأشكرُ عبادك عاجز عن شكرك، و أعبدهم مقصّر عن طاعتك».
و بسبب عظم
نعم الله تعالي علي العبد التي لا تتناهي يعجز عن شكره، فكيف إذا كان يعصمه
مجترئاً، فمهما صنع بعدئذٍ لا يستطيع أن يكفّر عن معصية واحدة. و هذا ما تصّوره
الفقرات الآتية من الدعاء السادس عشر: «يا إلهي لو بكيت إليك حتّي تسقط أشفار
عيني، وانتحبت حتّي ينقطع صوتي، وقمت لك حتّي تنتشر قدماي، و ركعت لك حتّي ينخلع
صلبي، و سجدت لك حتّي تتفقأ حدقتاي، و أكلت تراب الأرض طول عمري، و شربت ماء
الرماد آخر دهري، و ذكرتك في خلال ذلك حتّي يكلّ لساني، ثم لم أرفع طرفي إلي آفاق
السماء ستحياء منك ما استوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيئاتي».
«الثالث»:
التعريف بالثواب و العقاب و الجنّة و النار و أنّ ثواب الله تعالي كلّه تفضل، و
أنّ العبد يستحقّ العقاب منه بأدني معصية يجتري بها، والحجّة عليه فيها لله تعالي.
و جميع الأدعية السجّادية تلهج بهذه النغمة المؤثرة، للإيحاء إلي النفس الخوف من
عقابه تعالي والرجاء في ثوابه. و كلّها شواهد علي ذلك بأساليبها البليغة المختلفة
التي تبعث في قلب المتدبّر الرعب و الفزع من الإقدام علي المعصية.
مثل ما تقرأ
في الدعاء السادس و الأربعين: «حجّتك قائمة، و سلطانك ثابت لا يزول، فالويل الدائم
لمن جنح عنك، والخيبة الخاذلة