واعلم أنّ الإنشاء غير الطلبي لا تبحث عنه علماء البلاغة، لأن أكثر صيغه في الأصل
أخبارٌ نقلت إلى الإنشاء. وإنما المبحوث عنه في علم المعاني هو: الإنشاء الطّلبي:
لِمَا يَمتاز به من لَطائفَ بلاغيَّة. المتكلم وقت الطّلب.وأنواعه خمسة: الأمر،
والنَّهي والاستفهام، والَّتمني، والنداء(59).وفي هذا الباب خمسة مباحث.
في الأمر
المبحث الأول
في الأمر الأمر: هو طلب الفعل من الُمخاطب: على وجه الاستعلاء(60) مع الإلزام، وله
أربع صيغ:
1 ـ فعل الأمر كقوله تعالى:
(يا يحيى خُذِ الكتاب بقوة)[مريم:
12].
2 ـ والمضارع المجزوم بلام الأمر كقوله سبحانه وتعالى:
(لِيُنفِق ذو سَعَة مِنْ سَعَتِهِ)[الطلاق: 7].
3 ـ واسم فعل الأمر نحو:
(عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلَّ إذا اهْتديتم)[المائدة: 105].
4 ـ والمصدر
النائب عن فعل الأمر، نحو: سعياً في سبيل الخير. وقد تخرج صيغ الأمر عن معناها
الأصلي وهو «الإيجاب والإلزام» إلى معان أخرى: تستفاد من سياق الكلام، وقرائن
الأحوال.
1 ـ كالدعاء: في قوله تعالى:
(ربِّ أوزِعْنِي أن أشكرَ
نعمتك) [النمل: 19 والأحقاف: 15].
2 ـ والالتماس: كقولك لمن يساويك: أعطني
القلَم أيها الأخ.
3 ـ والإرشاد: كقوله تعالى:
(إذا تَدَاينتم
بدَيْن إلى أجل مُسَمًّى فاكتُبُوهُ، وليَكتُبْ بينكم كاتِبٌ بالْعَدل)[البقرة:
282].
4 ـ والتهديد: كقوله تعالى:
(اعملوا ما شِئتم، إنَّه بمَا
تَعْمَلونَ بَصِيرٌ)[فصلت: 40].
5 ـ والتعجيز: كقوله تعالى:
(فأتُوا بسورة منْ مثلِهِ)[البقرة: 23].
6 ـ والإباحة: كقوله تعالى:
(وكلوا واشربوا حتى يتبيَّنَ لكم الخيط الأبيضُ من الخيْط الأسودِ منَ الفجرِ)[البقرة:
187]. ونحو: اجلس كما تشاء.
7 ـ والتسوية: نحو قوله تعالى:
(فاصْبرُوا أو لا تَصبروا) [الطور: 16].
8 ـ والإكرام: كقوله تعالى:
(ادْخُلوهَا بِسَلاَم آمنين) [الحجر: 46].
9 ـ والامتنان: كقوله تعالى:
(فَكلُوا مِمَّا رَزَقَكُم الله) [النحل: 114].
10 ـ والإهانة: كقوله تعالى:
(كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) [الإسراء: 50].
11 ـ والدَّوام: كقوله
تعالى:
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم)[الفاتحة: 6].
12 ـ والتمني: كقول امرىء القيس: [البحر الطويل] ألاَ أيها الليْلُ الطويل ألاَ
انْجَلي بصُبْح وما الإصباحُ منك بأمثَلِ
13 ـ والاعتبار: (أنظرُوا إلى ثَمرِهِ إذا
أثمَرَ) [الأنعام: 99].
14 ـ والإذن: كقولك لمن طَرقَ الباب: ادْخل.
15 ـ والتكوين:
كقوله تعالى:
(كُنْ فَيكونُ)[البقرة: 117، الأنعام: 73،
النحل: 40]
16 ـ والتخيير: نحو: تَزَوَّجْ هنداً أو أختَها.
17 ـ والتأديب: نحو: كل
ممَّا يَليك.
18 ـ والتَّعجب: كقوله تعالى:
(انظر كيفَ ضَرَبُوا
لَكَ الأمثال) [الإسراء: 48].
19 ـ والتسخير: كقوله تعالى:
(كونوا قردة خاسئين)20 ـ والاخبار: كقوله(صلى الله عليه وآله): من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، اذا المراد: يتبوأ مقعده.
تمرين بيِّن ما يُراد من صيغ الأمر في التراكيب الآتية:
1 ـ
(خُذِ العَفْوَ، وأمُر بِالْعُرفِ، وأعرِضْ عَنِ الجاهِلين)[الأعراف: 199].
2 ـ أسيئي بنا أَو اأحْسِني لا مَلُومَةٌ لديْنَا ولا مَقليَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ